#1
|
||||
|
||||
![]() بسم الله الرَّحمن الرَّحيم الحمدُ لله ربِّ العالمين والصَّلاة والسَّلام على المبعوثِ رحمةً للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين .. هل رأيتَ أُمّي ؟! هَل رأيتها ..؟! أرأيتَها حينَ انْحنَتْ بصدرِها لتَضُمَّ ابنَها .. وكيفَ ظهرت عرُوق يدِها اليُسرى حينَ شدَّتْ قميصَه لتُخفِّفَ عنهُ أم عنها ؟!! مسحتْ جبينه بكفِّها فامتلأتْ دماً .. وتلكَ آثارُ أصابعها الَّتي عبثتْ بدمِه المُسال على النَّقَّالة .. أرأيت ؟! ويدُها اليُمنى تمسحُ بها على رأسِه .. هل سيعُود .. أم أنّهُ ارتقى ؟ دماؤهُ ملأت المكَان .. ثِيابُه .. النَّقَّالة .. حِجابُها .. جِلبابُها .. كلُّها دماء .. !! دماءٌ .. دماءٌ .. دماءٌ .. سألتْ : هل سيعودُ أم هو في طريقه للارتقاء ..؟! **************** فيتحشْرَجُ صدرُهَا بالأنِين وقد بثَّ شكواهْ .. ودمعُ العينِ منها يشقُّ كالسيل في الخدَّين مجراهْ .. تُكَفْكِفُ دمُوعَها لتسمعَ ما يُريدُ أن يقول.. وهل سيَقُول ؟! تنظرُ إلى عينيه اللَّتين غدتا كعنبةٍ طافيةٍ .. فكلَّما استجمعت أجفانُه قواها فإذا هي واهية .. تكَادُ العينان تُسدِلُ سِتَارها ..؛ لشدَّة ما نزف من الدِّماء .. وتنظُرُ .. وتَنتَظِرُ .. تريدُ منه أن يقول كلمةً .. أن يحنَّ على قلبها المكلوُمِ ببعض الكلام .. وقد اشتعلتْ في صدرها نارٌ لها بين الضلوعِ ضِرام .. اقتربت منهُ أكثر لعلَّها تسمعُ ما يُريد أن يقول .. **************** تلك هي دماؤه على خدِّها .. جعلتْ وجنتيها مُحمرَّتان كشمس الغروب .. تعطَّرَ وجهُها بريح المسْك الَّذي ينبعثُ من جسده الطَّاهر .. تخرُجُ زفراتُه .. وتَتلوها شهقاتُه .. يُغمِضُ عينيه .. ثم يعودُ ليفتَحَهُمَا وتعودُ الحياة ... تُرى هَل سيُجيبُها ؟! **************** في صمتٍ تام .. وقد اغرُورَقت عينَاهَا بالدَّمع .. هُنَاك استجابة.. فقد رفعَ ابنُها ذراعَه.. ليَهمِس في أُذنها آخرَ الهمسَات .. شدَّتهُ إليها وكأنَّها تُريدُ أن تُعطيه من روحها بعض الحياة .. رفع ذراعه ليثبِّتَ فؤادَهَا المنفطِر .. شدَّتهُ إليها أكثرَ فأكثر .. ولا زالت تنتظرُ تلكَ الهمسةَ الَّتي ستُسعِدُ قَلبهَا إذا سمعتهُ يُنادِيها .. وإذا بالصوتِ يخرُجُ مُغرغِراً : ( يَمَّه ) .. (باللَّهجةِ الفلسطِينيَّة) .. انهمرتْ دمُوعُها لتمتَزِجَ بدمِه .. اختلطَتْ الدُّموع بالدِّمَاء .. فاستجمعتْ قِواها؛ لتقُول : ( قُولْ يَمَّه ...قُولْ يَمَّه ) .. ارتفعت ذراعُه أكثر فأكثر, حتّى أمسكَ حِجَابَها بيدِه فاحْـمَرَّ الحِجَابُ وتعطَّر .. فـ( دم الشَّهيد عطُورُو المِسكِ والعَنبر ) إنَّهُ لونُ الدَّم الَّذي ملأ المكَان .. أمسكَ حِجَابها .. وبدأتْ قِواهُ تنهار .. تُنَادِيه مرَّةً أُخرَى بغصّةٍ : ( قُولْ يَمَّه ... لا إله إلا الله.. عسى يَمَّه بالشَّهادة تلقاه ..) نظر إليها ولا تقوَ على القولِ شِفاه .. فما همستْ بهِ هو دواءُ جَرحِه وهو شِفاه .. تريدُ فقط أنْ تسعدَ مسَامِعَها بآخر زفرَاتِه .. ولعلَّ الهمسةَ ستخرُجُ .. فحالُ ابنها .. لا يُبكى عليه .. ولكنَّهُ قَلبُ الأُم .. ( قُولْ يَمَّه .. لا إله إلّا الله ) فقال بصوتٍ شجيٍّ : ( يَمَّه ...... آني أحبِّك يَمَّه .. ) فتُجيبُه بدمعِ الأسى : ( وأنا يَبنِي أحبِّك والله .. قولْ لا إله إلّا الله .. يَمَّه , قُووولْ ) **************** أغمضَ عينيه من جديد .. ولكنَّهُ هذه المرَّة أطالْ .. تذكَّرتْ كيفَ كانتْ تُرضعُهُ وتُداعِبُه وإذا بالدَّمع سالْ .. ظنَّتْ أنّ الشهيد زُفَّ إلى الحُور .. تذكَّرتْ .. تذكَّرتْ كيفَ سألهَا في صِغَرِهِ عن العُصفُور .. ( ايس هدا يَمَّه ؟ ) .._فلم يكن ينطقُ الحُروفَ بمخَارجها بعد_ . فكانتْ تُجيبُهُ لعشرَاتِ المرَّات _دونَ ملَلٍ_ (هذا عصفور يَمَّه) .. تذكَّرتْ كُلَّ حركَاتِه وسكناتِهِ وحِكَايَاتِه .. تذكَّرتْ كيف مشى أمامها أُولى خَطواته .. تذكَّرتْ كيف قالت لهُ يوماً وقد حملتْ في قلبها حُبَّاً عظيماً : أنتَ من ستشيِّعُ نعشي وتواري في التُّراب عظمي الرميما .. بكتْ فهي لم تُفكِّر يوماً أنَّها ستشيِّعُه بيديها إلى الجنان كريماً _بإذن الله_ .. تذكَّرت كيفَ حلمتْ يوماً أن تزوِّجهُ بأجمل النِّساء .. وبكتْ .. فلم تدرِ أنَّها ستزفُّهُ إلى الحوراء والعيناء .. **************** نظرتْ إليهِ ودمعُها يكَادُ يحجِبُ عَنها رؤيتَه .. وكأنَّهُ في مُقلتيها سرَاب .. ولكنَّهُ حقيقةٌ واقعة ..!! تُنادِيه ( يمَّه ...؛ رُدَّ عليَّا يمَّه ) .. ويعودُ الصَّمتُ من جديد .. وفجأة !! يفتحُ مُقلتَيه ..وينظرَ إليها نظرةَ المودِّع .. علمتْ في قرارةِ نفسِها أنّ هذه النَّظرةَ ستكونُ الآخيرة في الدُّنيا .. وارتسمتِ البسمةُ على وجهِهِ المُنير .. فإنّهَا ( ابتسامَةُ الشَّهِيد ) .. وإذْ بالصُّوتِ الرَّقيقِ الخافت يخرُجُ من بين شفتَيه المُبيضَّتَان .. يرفع ( لا إله إلا الله ) إلى آفاقِ السَّماء .. ثمَّ اغمضَّتْ العينان .. وتدوَّرتِ الشَّفتَان ..؛ لتلفظَ تِلكَ الرُّوح الطَّاهرة إلى الجنانِ _بإذن الرّحمن_ .. نَظَرتْ أُمِّي إليه وقد تسابقت في المُقل العَبَرَاتْ .. وهي تُحسنُ بربِّها _سبحانه_ الظُّنون .. بعدما ذرفتْ ما كان في مُقلتيها من دمع .. فرأتْ السعادة في وجهه المُعطَّر .. فابنُها سيحيَى شهيداً _بإذن الله_ { وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } ثبتَ قلبُها .. وتهلَّل وجهُهَا بالسعادة والفرح والبِشْر .. فابنُها شهيدٌ وليس الشهيدُ عن ربِّه كغيرهِ من البَشر .. ودَّعتهُ وحالُ أُمِّي .. يا مآقي اللَّيل في أشجَاني تِيهِي**** أيُّ دمعٍ مُدنَفٍ قدْ أَرْتَجِيهِ ؟ ارْتَمَى قَلْبِي كَسِيرًا فَاسْعِفِيهِ **** بدِّدِي حُزْنِي ووَجدِي كَفكفِيهِ كمْ هَمَى المُزْنُ ببُشرى زَانهَا **** عَسْجَدٌ يُضْفِي جَمَالاً فَدَعِيهِ عُمقُ إحسَاسٍ وديعٍ وانطوَى **** مِثلَمَا طَيفٍ كَسيرٍ فانظُريهِ مَوتُهُم هَدَّ كيَانِي فهوَى**** في مآقي اللَّيلِ في أشجَاني تيهي ربَّنا فالـطُف بنا في كَربنا **** واجعلِ الصَّبرَ وشاحاً نرتديهِ واجمع الشَّملَ بفردوسِ الهنا **** ولتُقِرَّ السعدَ والأفراحَ فيـهِ أُمِّي وابنها _تقبَّلهُ الله وجمعها به_ ![]() اللهمَّ يا واسع المغفرةِ ويا رحمن الدنيا والآخرة ..اللهمَّ ارزقنا الشهادة في سبيلك مقبلين غير مدبرين .. اللهمَّ أعذنا من الأسر والبتر والكسر .. وارزقنا الإخلاص في كلِّ قول وعمل .. وآتنا أفضل ما تؤتي عبادك الصَّالحين .. اللهمّ آمين ___________________ لاحول ولاقوة الا بالله منقول أكثر... |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
نغمة اخـــــــى هل رأيت الهلال المنير ... سلامية...mp3 | RSS | Arabic Rss | 0 | 03-05-2011 06:22 PM |
شاهد: رأيت شارون يقتل طفلين | RSS | المجاوشي للأخبار العامه والسياسية والرياضية | 0 | 11-19-2010 08:35 PM |
عينه تم تنظيفها من فلاش وجمعها مره اخرى للتجربه | RSS | Arabic Rss | 0 | 11-02-2010 10:31 AM |
أم وابنها في معرض اندماجي ببيروت | RSS | المجاوشي للأخبار العامه والسياسية والرياضية | 0 | 03-25-2010 07:38 AM |
الدانمارك تحتفل برواية "رأيت رام الله" | المجاوشي | المجاوشي للأخبار العامه والسياسية والرياضية | 0 | 10-25-2009 04:34 PM |
|