مقال: الجيش الاردني يتدخل +الذكرى السنوية لاستشهاد الطيار فراس العجلوني

أحمد الربابعة

تعيش الجيوش العربية في الأيام الأخيرة، حالة من النشوة والزهو والتمجيد الشعبي والدولي، وهي حالة حقيقة قائمة على ما قدمته هذه الجيوش في أيام ثورات شعوبها، من حماية للمتظاهرين العزل وممتلكات الدولة، وقيام بالواجب بنزاهة واقتدار، وانحياز للحق، وترك تلك الشعوب تصل إلى حرية اختيارها بأمان، دون أن يكون لتلك الجيوش أي مكسب أو مطمع، سوى شرف القيام بالواجب، والإخلاص للوطن والشعب .

وسطع نجم تلك الجيوش أولا في تونس؛ عندما رفض قائد القوات البرية آنذاك، الجنرال(رشيد بن عمار) أوامر الرئيس زين العابدين بن علي بإطلاق النار على المتظاهرين، ليتم إقالته بعد ذلك مباشرة، ومن ثم الطلب منه بعد أيام العودة إلى منصبة، عندما صار تدخل الجيش أمرا ضروريا، ليقوم هو وأفراد الجيش بحماية الشعب التونسي وحقن دمه، من مجرمي بن علي، والقبض عليهم، وتسلم زمام الأمور بعد هروب الرئيس المخلوع، وليتم أخيرا قبل أيام تقليد ذلك الجنرال الشريف منصب قائد الجيش التونسي الذي استحقه بفخر وجدارة .

وتنتقل الثورة من تونس إلى جارتها مصر، وينتقل معها مجد الجيش وفخره، وتأتي هذه المرة صورة الجيش أكثر وضوحا، في بلد يقدر عدد ساكنيه بثمانين مليون، وتكبر مساحته الجغرافية لتتسع للتاريخ والحضارات وعجائب الدنيا؛ فيشاهد العالم أجمع، المجلس العسكري كيف يجتمع، ليقرر التدخل والنزول إلى الشارع لحماية المصريين ومؤسساتهم وارثهم، بل شاهدنا كيف أن المتظاهرين جلسوا وناموا جنبا إلى جنب مع الدبابات العسكرية، التي كتبت عليها شعارات ثورتهم، حتى أيقضهم الجنود أخيرا ليقولوا لهم : أفيقوا لقد انتصرت ثورتكم يا أبناء مصر! وليظل الجيش حاميا لتلك الثورة، ولمطالب الشعب حتى هذه اللحظة وما بعدها، فيأمر باعتقال الفاسدين من مسئولي النظام السابق بما فيهم الرئيس المخلوع وأبناءه، وادراة شؤون البلاد، وتكليف رئيسا مؤقتا لها، والسعي قدما لغد مصر القادم .

ويأبى أبناء الجيشين الليبي واليمني أن يكونوا أقل شرفا وفخرا من إخوتهم التونسيين أو المصريين، فيعلن ضباط وجنود في الجيش الليبي انشقاقهم عن الطاغية معمر ألقذافي، وانضمامهم إلى الثوار الليبيين في طريقهم نحو إسقاط الصنم العربي الثالث، وبلوغهم فجر الحرية الذي بلغه التونسيين والمصريين قبلهم . وفي اليمن كذلك يعلن اللواء علي محسن الأحمر قائد الفرقة العسكرية الشمالية الغربية، والأخ غير الشقيق للرئيس علي عبدالله صالح، مثلما يعلن الطيار(محمد إسماعيل) زوج ابنة الرئيس، انضمامهم وضباط آخرين وأفراد جيشهم، إلى الثوار اليمنيين في ساحات التغيير، وحمايتهم في بعض الأماكن من قوات الأمن التي تعمل على قتلهم واعتقالهم .




أما في الأردن، فلم يجري حتى ألان ما هو مثل تونس ومصر وغيرهما؛ غير أن نشامى القوات المسلحة الأردنية، رفضوا هم الآخرين، أن يكون أقل شرفا وفخرا من أشقائهم السابقين، فشاهدنا قبل أيام مضت، أول تدخل يحسب للجيش الأردني الباسل؛ حين قام ضابطين في الخدمات الطبية الملكية، وهما اللواء (عبد اللطيف الوريكات العدوان) مدير الخدمات الطبية، والعميد (علي العبوس الدعجه) ممثل الخدمات الطبية الملكية في لجنة المعالجات الخارجية، بكشف المستور حول قضية تهريب المتهم بقضية فساد مصفاة البترول (خالد شاهين) إلى لندن للعلاج !

وبين الضابطين الأردنيين الشهمين، اللذين التقيا لجنة الصحة البرلمانية، أن جهات طلبت من العميد ( علي العبوس) التوقيع على مرسوم يقضي بوجوب علاج (خالد شاهين) خارج الأردن، ليرفض العميد (علي العبوس) التوقيع على صك خيانة للشعب الأردني، وليتم بعد ذلك نقل ذلك المرسوم إلى جهة طبية أخرى غير المؤسسة العسكرية النبيلة، قامت بالتوقيع على تهريب خالد شاهين الذي أصبح هاجس الأردنيين جميعا .

إذا يأبى العميد الطبيب (العبوس) أن يخون شعبه ووطنه، فيفصح للصحافة مثلما أفصح لسابقيهم من الجهات المعنية بقضية خالد شاهين، كيف مورست ضغوطات عليه من أجل توقيع مرسوم الخيانة ذلك، ومنحه الشرعية، ليصار إلى تهريب أحد رموز الفساد في الأردن، مثلما تم تهريب ونهب أموال الشعب ومقدراته، وليكشف أيضا عن أن العملية العلاجية المزعومة، التي هرب خالد شاهين لأجلها، كان العميد ( العبوس) نفسه، قد أجرى ثلاثة عشر عملية مشابهة في (شادر) المستشفى الميداني الأردني في أفغانستان ! وأن أي مستشفى أردني يستطيع القيام بمثل هذه العملية، دون السفر إلى الخارج ! وليفتح الباب أيضا على موضوع أخر؛ هو عشرات المساجين الذين يعانون ظروفا صحية وبحاجة إلى العلاج، دون أن يتم إخراجهم لذات الغرض !

وربما تحمل الأيام القادمة تدخلات أخرى لنشامى الجيش الأردني الباسل، الذي ربما لن يقف صامتا ولا مكتوف الأيدي أمام عبث العابثين وفساد الفاسدين، الذين يريدون قمع المطالبات بالإصلاح ومحاسبة الفاسدين، حتى لا ينكشف أمرهم، أو يؤمر باعتقالهم مثلما اعتقل غيرهم من الفاسدين في مصر وتونس .

أما الشعب الأردني فثقته كل الثقة بهذا الجيش وقائدة الأعلى، من أنه سيكون منحازا للشعب في مطالباته بالإصلاح ومحاسبة الفاسدين، وكيف لا يثق بهذا الجيش، وهو ابن مؤتة والكرامة، وهم تلاميذ (فراس العجلوني) (مشهور حديثة ألجازي) و (معن أبو نوار) وهم الذين ضحوا بدمائهم في الكرامة وأعادوا للأمة هيبتها، وظلوا يقاتلون دون أن يستكينوا أو يستلموا، رافضين الانصياع أو التوقف .



+

يصادف اليوم الاحد الذكرى (الرابعة والاربعون) لاستشهاد الرائد الطيار فراس العجلوني في قصف جوي صهيوني لطائرته في حرب عام 1967 بينما كان يستعد للاقلاع من قاعدة الملك الحسين الجوية لمتابعة قصف اهداف عسكرية في العمق الصهيوني.

وشارك الشهيد بالتعاون مع زملائه من طياري سلاح الجو الملكي في قصف وتدمير عدد من الاهداف العسكرية الصهيونية والطائرات في مطار اللد وغيره خلال العدوان الإسرائيلي العام 1967.

وكان الشهيد اشترك مع رفاق السلاح في أول معركة جوية مع طيران العدو عام 1966 واسقطوا بكفاءة قتالية ومهارة تكتيكية عدة طائرات للعدو من نوع ميراج التي كانت تعتبر في حينها من احدث واقوى الطائرات العسكرية المقاتلة وقلده اثر ذلك المغفور له باذن الله الملك الحسين بن طلال وسام الاقدام العسكري.

ولد الشهيد عام 1936 والتحق بسلاح الجو الملكي عام 1954 وشارك في عدة دورات عسكرية في الأردن وخارجه، حتى اصبح قائدا لسرب مقاتل من طائرات هوكر هنتر.







أكثر...